يمرّ جميع البشر بمشاعر الحزن من وقت لآخر، ففقدان شخص عزيز، الفشل في مهمة، أو حتى الإحباط من ظروف الحياة، جميعها مواقف طبيعية تُثير الحزن كرد فعل إنساني. ولكن متى يتجاوز الحزن حدّه الطبيعي ويُصبح مؤشرًا على مرض نفسي مثل الاكتئاب؟ هذا السؤال شائع، والإجابة عليه ضرورية لفهم النفس البشرية بشكل أعمق.

في هذا المقال، نوضح الفرق بين الحزن العابر والاكتئاب المرضي، ولماذا من المهم التفرقة بينهما.

أولًا: الحزن العابر.. مشاعر طبيعية مؤقتة

الحزن هو استجابة عاطفية طبيعية لحدث سلبي، وقد يكون مصحوبًا بالبكاء، الانعزال المؤقت، أو فقدان الحماس. لكن هذا الحزن يكون عادةً:

  • مرتبطًا بسبب واضح (مثل وفاة، خسارة، فشل).
  • محدود المدة، إذ يبدأ بالتراجع تدريجيًا خلال أيام أو أسابيع.
  • لا يؤثر بشكل كبير على الأداء اليومي، فالشخص لا يزال قادرًا على العمل والتواصل مع الآخرين رغم حزنه.
  • يتغير مع الوقت، ويمكن أن يتخلله لحظات من الفرح أو الضحك.

الحزن العابر لا يحتاج إلى علاج نفسي في العادة، بل إلى الدعم الأسري، الوقت، وربما بعض الترفيه والتفريغ العاطفي.

ثانيًا: الاكتئاب… اضطراب نفسي يتطلب التدخل

على عكس الحزن العابر، يُعد الاكتئاب اضطرابًا نفسيًا مُعقّدًا يؤثر على طريقة تفكير الإنسان، مشاعره، وسلوكه. وهو لا يرتبط دائمًا بسبب مباشر، وقد يظهر تدريجيًا أو فجأة. من علاماته:

  • استمرار الأعراض لأكثر من أسبوعين دون تحسن.
  • فقدان الاهتمام أو المتعة في الأنشطة المعتادة، حتى تلك التي كانت محببة سابقًا.
  • تغيرات في النوم (أرق أو نوم مفرط).
  • تغير في الشهية أو الوزن (زيادة أو نقصان).
  • تعب مستمر وانخفاض في الطاقة.
  • شعور بالذنب أو انعدام القيمة.
  • صعوبة في التركيز أو اتخاذ القرارات.
  • أفكار انتحارية أو تمني الموت في بعض الحالات.

لا يستطيع الشخص المصاب بالاكتئاب ببساطة أن “يتجاوز الأمر” أو “يفكر بإيجابية” كما يُنصح أحيانًا. فالاكتئاب مرض نفسي حقيقي يتطلب علاجًا متخصصًا، سواء عبر جلسات العلاج النفسي أو الأدوية أو كليهما.

ثالثًا: متى يجب طلب المساعدة؟

إذا استمرت مشاعر الحزن لأكثر من أسبوعين، وبدأت تؤثر على الحياة اليومية، أو رافقها شعور بالعجز، فقد يكون من الضروري مراجعة طبيب نفسي. التقييم المهني هو الطريقة الوحيدة المؤكدة للتفريق بين الحزن الطبيعي والاكتئاب السريري.

ولا يُعد اللجوء للعلاج النفسي ضعفًا أو دلالة على فشل، بل هو خطوة شجاعة نحو التعافي واستعادة التوازن النفسي.

الحزن العابر جزء من الحياة، أما الاكتئاب فهو اضطراب نفسي قد يعطل الحياة تمامًا إذا لم يُعالج. الفرق الجوهري يكمن في المدة، التأثير، والحدة. وبينما يحتاج الحزن إلى وقت واحتواء، فإن الاكتئاب يحتاج إلى رعاية متخصصة. وإن كان لديك شك في حالتك أو حالة من تحب، فالمبادرة بطلب المساعدة قد تنقذ حياة.

للمزيد من حلول الطب النفسي لا تتردد بالتواصل مع أفضل دكتور نفساني في دبي لدى عيادات Aspris.

Related Post